كلمة المحرر

 

تصاعد التوتر الديني في الهند يهدد نسيجها الاجتماعي

 

 

 

 

        تشهد الهند منذ سنة أو يزيد تناميًا ملحوظًا في التوفر الديني والهجوم على الأقليات وخاصة على المسلمين الذين يشكلون أكثرها عددًا، وأقلها حظًا بالتسهيلات الحكومية وأدناها نسبةً في الوظائف الحكومية و ذلك على يد بعض المنظمات الهندوسية المتعصبة التي تؤمن بأن الهند للهندوس فقط. واتخذت هذه العصبية الهندوسية صورًا وألوانا، وازدادت مع الأيام عنفا وتشددًا. ومن أبرزها ما شهدت قرية «بيسارا» الواقعة على مسافة 50 كيلومترا من العاصمة «دهلي الجديدة»، من الهجوم المروع على بيت مسلم يدعى «أخلاق» الذي كان يعمل حدادًا وعمره 56 عامًا   وركله وضربه بالهراوي والعصي حتى إزهاق روحه وجره جثةً هامدة إلى الشارع، وذلك في الشهر الماضي على أيدي جمهرة من الهندوس. كما ضربوا ابنه الأصغر البالغ من العمر 22 عامًا بالطوب والأحجار وأصيب بجروح بالغة في الرأس ويرقد في العناية المركزة بين الحياة والموت. وتؤكد ملابسات القضية أن قتل «أخلاق» لم يكن حادثًا عارضًا؛ وإنما كان اعتداءً مدبرًا هادفًا، فقد سبق الهجومَ إعلانُ كاهن هندوسي عبر مكبرات الصوت المثبتة فوق معبده أنه أخلاق ذبح بقرة وأن زوجته تطهو لحم البقرة، وخلال دقائق اقتحمت مجموعة من الهندوس بيته، وخربوا المطبخ بحثًا عن اللحم، الأمر الذي وضع نهاية مفاجئة لعرف التسامح الذي كان يعم القرية كلها كما أفاد أفراد من الأسرة وسكان آخرون في القرية، علمًا بأن تقارير فحوص اللحم أكدت أنه لحم ضأن لا لحم بقر.

     ولم يمض على هذه العملية الإجرامية إلا أيام حتى شهدت مدينة «كانفور» الصناعية قتلَ مسلم بالضرب بالعصي وغيرها على أيدي حشود هندوس، متهمين إياه بأنه إرهابي باكستاني، وكادوا يلقونه في النهر الجاري إلا أن وصول الشرطة إلى مكان الحادث حالَ دون ذلك، وتبين فيما بعد أنه مسلم مجهول الهوية.

     هذا، وقد قتل سائق مسلم يقود شاحنة تنقل الأنعام والمواشي بالضرب بالعصي والهراوي بتهمة تهريب الأبقار المقدسة لدى الهندوس، ولم يسلم زملاؤه المسلمون العاملون معه في الشاحنة من الضرب والإيذاء مما أدى إلى إدخالهم المستشفى، وذلك في مديرية «سرمور» من ولاية «هماتشل براديش».

     وهذه الأحداث تشير إلى ما يكنه بعض الشاغلين لمناصب عليا في الحكومة الهندية من برامج متشددة ضد الأقلية المسلمة في البلاد، الأمر الذي يقوض ما نادى به الحزب الحاكم «ب جي ب» (B.J.P) في الانتخابات التي جرت قبل عام من الوعد بالتنمية للجميع، و«معا إلى الرقي والازدهار»، وهذه الأحداث تهدد نسيج البلاد الاجتماعي والثقافي، وتحول دون تقدمها ورقيها.                                [التحرير]

 

 

(تحريرًا في الساعة العاشرة من صباح يوم الاثنين: 13/المحرم 1437هـ = 27/أكتوبر 2015م)

 

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، ربيع الأول 1437 هـ = ديسمبر 2015م – يناير 2016م ، العدد : 3 ، السنة : 40